كيف أربك بوتين حسابات الإستراتيجيين الأميركيين؟
تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في إحداث مأزق كبير لصانعي الإستراتيجية الأمنية الأميركية الذين كانوا يخططون لمواجهة إستراتيجية واحدة تتمثل في مواجهة الصعود الصيني.
ومنذ نهاية الحرب الباردة قبل أربعين عاما، هيمنت واشنطن على الساحة الجيوإستراتيجية العالمية، وامتد نفوذها السياسي والعسكري لكل بقاع العالم. ولم تتردد واشنطن في الدخول في مواجهات عسكرية وغزو دول، سواء في البلقان أو الشرق الأوسط أو أميركا الوسطى وأفريقيا، دون أن تخشى ردة فعل أي من القوى الكبرى المنافسة. ودفعت واشنطن، رغم وجود تحفظات واستثناءات، لتعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، ووسعت حلف الناتو في اتجاه الشرق.
استغلت روسيا تركيز واشنطن على مواجهة تهديدات صعود الصين، وقامت بما تراه لازما لإعادة تشكيل الترتيبات الأمنية لأوروبا، رغم الاعتراضات الأميركية والعقوبات الغربية الواسعة.
ومنذ وصول الرئيس تشي جين بينغ للحكم في الصين قبل 10 سنوات، بدأت النخبة الأميركية الانتباه لتضخم قوة الصين التي لم تعد صناعية تجارية في جوهرها، بل امتدت وبقوة للجانبين العسكري والتكنولوجي.
وفور وصوله للحكم، بدأ جو بايدن في تشكيل شبكة تحالفات جديدة تحيط بالصين وتستهدف مواجهة قوتها الصاعدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وتأسس على إثر ذلك تحالف "أوكوس" مع أستراليا وبريطانيا، وتحالف "كواد" مع اليابان وأستراليا والهند.