أمريكا و روسيا و دول عدم الانحياز
حيدر عقيل.
رهانات كبيرة تنتظر العالم الغير متخندق أو لنقل من يملك علاقات مع روسيا وأمريكا في نفس الوقت ..
بعد ضم بوتين لأقاليم شرق أوكرانيا والتي تمثل تقريبا 15/100 من مساحة أوكرانيا و 70/100 من إقتصادها !! بالإضافة إلى أكبر محطة نووية في أوروبا ..
يبدوا أن بوتين قد رضي بذلك وتخلى عن هدفه الثاني وهو تغيير حكومة زيلينسكي... وقد يكون أسقطها بالفعل ولكن سقوطها سيؤجل قليلا ..
حتى وإن إنضمت أوكرانيا للناتو وهذا مستبعد لأن إنضمام دولة في حالة حرب إلى الناتوا يعني دخوله آليا في تلك الحرب ..
أعلم أن زيلينسكي يعلم ذلك جيدا ولكنها مناورة أو لنقل محاولة إبداء ردة فعل عن فقدانه لمناطق شاسعة وللأبد ..
لأنه يعي جيدا أنها أصبحت أراضي روسيا بحكم الدستور الروسي ومهاجمتها تعني مهاجمة موسكوا كما قال بوتين بالحرف ..
وما ستفعله أمريكا وحلفاؤها هو الاستمرار في العقوبات الإقتصادية ورفع درجاتها ...ولكنها تعلم جيدا أن ذلك لن يجدي نفعا مادامت روسيا لم تعزل عن العالم ولازالت لديها علاقات إقتصادية مع العديد من الدول ...
هل تستطيع تلك الدول التي تعتبر نفسها غير منحازة وقد تكون أيضا قد صرحت بمعارضتها لحرب روسيا ولو بخجل..
هل تستطيع تلك الدول ان تقنع أمريكا بهذا الموقف وتحافظ على علاقاتها بالقطبين !!؟؟ ..
وهل سترضى أمريكا التي لم تعترف بعد بقيام عالم متعدد الأقطاب كما تقوله موسكو .. وهي التي تعتبر روسيا دولة مارقة عن النظام العالمي الذي تحكمه وبالتالي فلا يوجد موقف محايد .. فمن ليس معي هو عدوي عكس ماكان يحدث إبان الحرب الباردة قبل سقوط الاتحاد السوفياتي وقيام النظام العالمي الجديد أحادي القطب حيث فيه أمريكا هي الشرطي والدولار هو المهيمن والعملة الرسمية للعالم ...
ولكن دول مثل الصين و الهند والبرازيل او حتى جنوب افريقيا من الصعب أن تفرض عليهم أو ترغمهم أمريكا على قطع جميع العلاقات مع روسيا إقتصاديا خاصة في مجال الطاقة ...
هنا نصل للحديث عن دول عدم الإنحياز.. التي تريد الجزائر إحياؤه عبر العديد من التحركات النشيطة وعبر إرسال دعوة لرئيس دولة أذربيجان الرئيس الحالي لمنظمة عدم الإنحياز. ليكون ضيف شرف القمة العربية القادمة في الجزائر بالإضافة لرئيس الإتحاد الإفريقي والامين العام للأمم المتحدة لتضفي على القمة صبغة العالمية وتلفت أنظار العالم لهذا التجمع الذي يشكل اكبر تجمع لموردي الطاقة في العالم بعد الاوبك ..
بالتوازي مع اللقاءات الدبلوماسية الأخيرة مع مسؤولين أمريكان وآخرين روس ..
وأيضا تريد إستغلال حاجة أوروبا للطاقة لتزيد من الكميات الموردة لأوروبا سواء عبر إيطاليا او إسبانيا وبوتيرة متسارعة ..
وعبر صفقات طويلة الأمد مع شركات بريطانية وإيطالية وعبر تجديد وتطوير العلاقات مع فرنسا والإتفاق على حزمة من المشاريع الاقتصادية معها ...
واما عن القمة العربية القادمة والتي ستكون الأزمة الروسية الاوكرانية وتبعاتها وتغير موازين القوى من أهم محاورها.. وأتمنى أن يخرج العرب أو لنقل تتفق كل من
" السعودية وقطر والامارات ومصر والجزائر " أن يتفقوا على موقف موحد يجعل منهم قوة وازنة لا يمكن معاداتها او تحييدها خاصة في ضل أزمة الطاقة خاصة في أوروبا وأصبحت الطاقة ليست سلعة إقتصادية فقط بل تحولت لسلاح جيوسياسي مهم...
وتعتبر السعودية هي مفتاح تحقق ذلك كله ..
لن يجد العرب مثل هذا الوقت كي يتحدوا ويشكلوا قوة ضاغطة تستطيع إرغام أمريكا واوروبا على تغيير مواقفها ولو جزئيا خاصة في مايخص القضية الفلسطينية والانحياز الصارخ والحماية المستميتة الكيان الصهيوني...
أتمنى أن تصدق توقعاتي ..فقد نجد لأنفسنا مكان محترم في النظام العالمي الجديد متعدد الاقطاب وقد نستطيع تشكيل قطب جديد إن توافر حسن النية مع الدهاء السياسي والدبلوماسي ...
