المدينة الفاضلة عند أفلاطون.
(المدينة الفاضلة عند أفلاطون)
(حيدر عقيل)
كثر الحديث حول الفكرة التي طرحها أفلاطون في بناء مدينة تحتوي كل متطلبات العيش الكريم والتي تسهم في راحة المجتمع وكانت من أكثر الأشياء والنظريات التي اشتهر بها أفلاطون. والذي يعد بدوره واحدا من أبرز الفلاسفة الإغريق
الذين أثروا بلفلسفة الغربية بكثير من الأفكار والمؤلفات. وإذا أردنا أن نحدد قيمة أفلاطون الفلسفية في الفلسفة اليونانية فإنه يأتي في المنزلة بعد المعلم الأكبر ورائد الفلسفة اليونانية أرسطو.
هذا وقد قدم أفلاطون كثير من الأفكار التي ارتبطت به ارتباطًا وثيقًا من أبرزها المدينة الفاضلة. التي كانت بمثابة الثمرة التي أراد أن تتحقق من فلسفته. وفي هذا المقال سنتعرف على أفلاطون ومدينته الخالدة التي لم يكتب له أن يراها. وسنتحدث كذلك عن مدى إمكانية قيام المدينة الفاضلة أم أنها من الأمور الخيالية التي لا يمكن أن تقوم على أرض الواقع.
من هو أفلاطون؟
أفلاطون هو فيلسوف إغريقي كلاسيكي مهتم بالرياضيات ولد عام 427 قبل الميلاد بأثينا. تتلمذ على يد أبي الفلسفة اليونانية سقراط وتأثر به كثيرًا وإليه يرجع الفضل في نقل تراث أستاذه وإحيائه بعد إعدامه. وقد أسس أفلاطون أكاديمية أثينا التي تعد أول معهد للتعليم العالي في العالم الغربي. وله كثير من الإسهامات الفلسفية التي تأثر بها فلاسفة الغرب في العصور الوسطى وما تلاها.
تعد المدينة الفاضلة عند افلاطون أكبر الأحلام التي عاشها وحاول تطبيقها على أرض الواقع. وهو في هذا حاول أيضًا أن ينشأ تلك المدينة ويحدد معالمها ومن يحكمها وفق رؤيته،
وإذا أردنا أن نخمن الفئة التي أراد أن تحكم المدينة الفاضلة عند افلاطون . فإنها قطعًا فئة الفلاسفة التي ينتمي إليها، وقد اعتبر أن الفلاسفة بإمكانهم حكم هذه المدينة لأنهم ينظرون إلى الأشياء نظرية عقلانية معيارية. وهذا يعني أنهم سيضعون الأمور في نصابها ومن ثم ستكون المدينة التي يحكمونها فاضلة لا محاله
إن المدينة الفاضلة عند افلاطون أحد الأحلام التي سعى إلى تحقيقها كثير من القادة والفلاسفة والمفكرين. لكن الواقع يؤكد أن قيام مثل هذه المدينة لا يتحقق بالأحلام، بل لا بد له من أسس وتخطيط محكم. وحتى أفلاطون الذي طرح مفهوم المدينة الفاضلة لم يستطع أن يؤسس مدينته ولم يرها. وربما تكون المدينة الفاضلة التي سعى إليها ليست فاضلة ذلك أن بها الكثير من السلبيات التي تتناقض مع الفضيلة.
إن الفضيلة من وجهة نظر أفلاطون تحتاج لكثير من الوقفات، ذلك أنه يجعل الفضيلة مسألة قد تبدو نسبية بعض الشيء. فهو يريد أن يعيش الناس في مدينته الفاضلة وسطًا بين الغنى والفقر والترف والحاجة. ويريد أيضًا أن يكون جميع أفراد مدينته أصحاء لا يعانون من أمراض أو تشوهات، وهذا يعني أن المدينة الفاضلة التي سعى إليها لا ترفض التطهير العرقي. فإذا وُلد طفل مشوه أو بطريق غير شرعي للإنجاب فإن المدينة الفاضلة لا تقبله، وعلى أن يُقتل لئلا يغير من بنية تلك المدينة.
تفوق الأعراق والمدينة الفاضلة عند افلاطون
إن المدينة الفاضلة عند افلاطون تؤمن بتفوق الأعراق والتأسيس لفكرة الطبقية. ذلك أنها تمنع الطبقات العليا من الزواج ممن هم دونهم، والأشد من ذلك أنها تحرم الحكماء والفلاسفة وهم حكام المدينة من الزواج
وهو أحد الأمور التي لا تتوافق مع الفطرة البشرية، وفي المقابل فإنها تسمح لهم بممارسة الجنس خارج إطار الزواج
إن هذه المدينة التي سعى إليها أفلاطون مدينة لا يمكن أن تقوم بحال من الأحوال. ذلك أنها تصادم فطرة الإنسان، وهي وإن دعت إلى قيام الفضيلة فإنها قد ابتعدت عنها.
ثم إننا نتساءل عن القوانين والأنظمة والتشريعات التي ستنظم هذه المدينة، هل تخضع أيضًا لأفكار الفلاسفة ووجهات نظرهم التي قد تختلف من شخص لآخر؟
علينا أن نؤكد أن المجتمع البشري مجتمع متنوع مختلف وعلينا أن نؤكد أيضًا أن فلسفة أفلاطون في مدينته الفاضلة لم تقبل ذلك. وفي واقع الأمر فإنها فلسفة خيالية لا يمكن أن تقوم على أرض الواقع
تاريخ المدينة الفاضلة عند افلاطون
من المعروف أن العديد من المحاولات لتطوير خطط المدن المثالية من عصر النهضة، وتظهر من النصف الثاني من القرن الخامس عشر. ويعود تاريخ المفهوم إلى ما لا يقل عن فترة أفلاطون، التي تعتبر جمهورية استكشافية فلسفية لمفهوم “المدينة المثالية”.
سعي نبل عصر النهضة إلى تقليد صفات الحضارة الكلاسيكية وفي بعض الأحيان إلى بناء مدن مثالية كهذه، سواء في الواقع أو بشكل تقليدي من خلال إعادة تشكيل السلوكيات والثقافة.
ويمثل أفلاطون مع تلميذه أرسطو العصر الذهبي للـفلسفة اليونانية. وأشهر آثاره السياسية كتاب القانون وكتاب الجمهورية أو المدينة الفاضلة والذي تدور آراؤه حول أسس المدينة الفاضلة والتربية الاجتماعية في المدينة والحكومة المشرفة على المدينة،
وخلاصة آرائه لهذه المدينة هي:
الدولة عبارة عن وحدة حية تتكون من أعضاء والفرد خلية فيها يشبهها بالإنسان
كشف الضرورة الاجتماعية التي تجعل من المدينة أول تنظيم اجتماعي وسياسي.
تقرير الحاجة الإنسانية بأنها الدافع إلى الاجتماع المنظم.
الرغبة في العمل تمثل القوة الشهوانية في الإنسان (وتمثلها الطبقة العاملة)
قوة الغضب وتمثلها طبقة المحاربين الفضلاء.
قوة النطق وتمثلها طبقة الفلاسفة والحكماء.
جعل الأخوة أساس الرابطة بين الأفراد.
فصل في برنامج التربية الخاصة بالجند على أساس التدريب إلى 18 سنة ثم الدراسة للمتميزين حتى سن الثلاثين ثم دراسة الفلسفة للمتميزين أيضا حتى الخمسين حيث تتاح القيادة للأكثر تميزا بينما يظل البقية في طبقة الجند.
المساواة بين الجنسين في ذلك.
دعا إلى المشاعية الجنسية لطبقة الحراس (الجند والحكام) والمشاعية في الأولاد وذلك لتخليصهم عن كل ما يعوق تنفيذ مهامهم على أكمل وجه.
حرم الملكية للحراس لذات السبب.
الحكم ليس بالضرورة أن يكون بيد شخص واحد.
وبعد كل التنظيم والتنسيق من قبل أفلاطون في بناء مدينة فاضلة نجدها بقت احلام تمناها الفيلسوف الطموح في انشائها ولم تتحقق لهذه اللحظة.