مت قاعداً يا رسول العلم ..
مت قاعداً يا رسول العلم ..
بدر المياحي - المشهد البصري
كل الشعوب والامم تعلن عن حبس انفاسها اذا ذكر اسم او صفة المعلم ! كل الناس والاخيار والمثقفين من الكتاب والادباء والعلماء والفنانين والاكاديميين .. وغيرهم من صناع الفكر والثقافة ، ورعاة التمدن والمدنية يقفون اجلالا الى المعلم ، ويرفعون القبعات ، ويخطون المانشيتات العريضة ، وينتظمون صفا محترما واحد مطأطأ الرأس امام هيبة المعلم ، وكيف لا ؟ والمعلم هو رسول العلم والمعرفة ، وصاحب الدرس والخيرة البناءة ، ومؤسس البناء والفضيلة ، وصانع الحضارة والرقي والمدنية .. فمن معطفه انطلقت شرارة المعرفة وقدحة النور ، ومن جلبابه هاجرت قيم الفضيلة وانبعث اسس ورسل الحق ، ومن برجه المصون راحت الحكم والامثال والعظات ترادف وتلاحق طلاب المعرفة املا بنشر النور قبالة موجات الظلام والانغلاق ...
نعم انه المعلم اساس الحياة ومحورها وسر بقاءها .. مرجع البناء ومثال الايثار وانموج الفضيلة والاخلاق السامية ... ولكن هذا المعلم الي يحظى بمنزلة لا توصف في كل بقاع العالم ، وله تقام قداسات التبجيل والاحترام والرفعة ، وتنصب بحضرته الانصاب والتماثيل والمعالم ، وتكنى باسمه الساحات والميادين والمرافق اكراما لادواره الثرة ومواقفه المشرقة .. نجده وللأسف هنا - في ها البلد المبتلى بأنصاف المثقفين - او صناع الامية الثقافية من بعض اصحاب القرار السياسي ، ملغيا مهمشا منسيا .. والسبب كل السبب (الي يبطل العجب ) ان امثال (بعض) هؤلاء السياسيين لا ينتمون الى المعلم ولا مضامير العلم والمعرفة ! وهم في منأى ومعزل عن سوح الفكر والثقافة ، فيمسي هذا الكائن الفاعل بينهم غريبا متخبطا بقراره ومصيره ومستقبله .. لأنه يؤلف لهم لغزا وضبابا سرمديا يحول دون نظرتهم القاصرة واستشرافاتهم المحدودة .
وهكذا وفي زمن تتفشى به الامية المطلقة ، ويتغالى فيه الطارئون الزاحفون على مؤسسات الفكر - لا سيما والتقارير تتوالى على مشهد تزوير الشهادات الجامعية - التي اشارت اليهم بوضوح ، ووضعتهم ضمن خانة المتطفل على مؤسسات الفكر والثقافة والتربية ... فلا ضير ولا غرابة ذا يلغي امثال هؤلاء او يتجاهلوا عمرا من التعليم الذي يعادل عشرة اضعاف بقية المهن ، ولا يعبؤون به او بتقاعده او موارده .. لاسيما والمعلومة المعروفة والشائعة تقول ان اصعب المهن هي مهنة التعليم !.
ان عمرا من التركيز الذهني قدمه ها المعلم الرسول ، وهذا الداعية المؤثر ، يحتاج الى وقفة متأنية ومنصفة لإكرام وتكريم وتبجيل ادوار ومواقف وجهود هذا الكائن العجيب ، وتقديم كل ما يؤكد وجوده الثر ، ويعتز بشخصيته العاملة .. هذا الخطاب نضعه في زمن يكون المعلم قائما شاخصا حاضرا في حضرة العلم والعلماء والمتعلمين ، وبعكسه تكون النتيجة مثلما نراه اليوم من تعطيل لعطف الحقوق والمنن التي قدمها هذا المعلم ولفترة تزيد على عشرات السنين ، ليجد نفسه مفلسا من الاعتزاز ، وبعيدا عن الامتنان والتقدير ، ولا يحظى بأبسط حقوقه الطبيعية ، وهي حقوقه التقاعدية ثمرة خدمته ، ونتيجة ادواره ، وخلاصة جهده الجهيد .. وهكذا يرفع المعلمون صوتا مبحوحاً لا يقابل الا بتجاهل واضح من هيآه التقاعد وغيرها من المؤسسات الثقافية بعد مضي اكثر من سنة ونصف على مشهد التغافل والتجاهل الذي لم يحصل حتى في البلاد المتخلفة التي لا ترقى الى عشر ميزانية ها البلد النفطي وللأسف !! .
انصفوا المعلم فهو قدوتنا وسر تقدمنا ومحور تطلع اجيالنا ، ولا تتجاهلوا صوته الذي صال وجال في اروقة الدرس وسوح العلم وحلبات المعرفة .. وترك ذلك الاشراق والملح الي سيصبح لا محالة هوية لأبنائنا البررة وشبابنا الواعد .. وما ضاع حق وراءه مطالب .